ـ نماذج من رحمته صلى الله عليه وسلم
- أسامة الحمصي -
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " مَنْ لا يَرْحَمْ لا يُرْحَمْ ". متفق عليه. وقال صلى الله عليه وسلم: " من لا يَرْحَمِ الناسَ لا يَرْحَمْهُ الله ". متفق عليه.
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " عُذِّبتْ امرأةٌ في هِرَّةٍ حبَسَتْها حتى ماتت، فدخلت فيها النار، لا هي أطعمتها وسقتها إذ هي حبستها، ولا هي تركتها تأكل من خَشَاش الأرض ". متفق عليه.
وعنه رضي الله عنه قال: " إنَّ رسول الله لَعَنَ من اتَّخَذَ شيئا فيه الروح غَرَضا ". متفق عليه. ( الغرض: الهدف والشيء الذي يُرمى إليه ).
وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: كُنّا معَ رسول الله صلى الله عليه وسلم في سَفَر، فانطَلَقَ لِحَاجَتِه، فرأينا حُمَّرَةً معها فَرْخان، فأخَذْنا فَرْخَيْها، فجعلت الحمّرةُ تَعْرِشُ، فجاء النبيُّ صلى الله عليه وسلم فقال: " منْ فَجَعَ هذه بِوَلَدِها؟ رُدُّوا وَلَدَها إليها ".
ورأى قرية نَمْلٍ قدْ حَرَّقْناها. فقال: " من حرّق هذه؟ " قلنا: نحن. قال: " إنَّهُ لا ينبغي أنْ يُعَذِّبَ بالنار إلاّ ربُّ النار ". رواه أبو داود بإسناد صحيح. ( حمّرة: طائر صغير كالعصفور. تعرش: تخفق بجناحيها من الحزن، والتعريش: نوع من الطيران ).
وعن أمّ المؤمنين الصِدِّيقة بنت الصِدِّيق عائشة رضي الله عنها وعن أبيها أنها قالت للنبيّ صلى الله عليه وسلم: هل أتى عليك يوم كان أشد من يوم أحد؟ قال: لقد لقيتُ من قومك؛ وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة( وذلك يوم ذهب إلى الطائف، ليدعوا ثقيفا إلى الإسلام، فأعرضوا عنه، وأغروا به بعض صبيانهم وسفهائهم، فرموه بالحجارة حتّى سال الدم من عقبيه الشريفتين )؛ إذ عَرَضْتُ نفسي على ابن عبد ياليل بن عبد كلال فلم يجبني إلى ما أردتُ، فانطلقتُ وأنا مهموم على وجهي، فلم أستفق إلاّ وأنا بقرن الثعالب، فرفعتُ رأسي؛ فإذا أنا بسحابة قد أظلتني فنظرتُ فإذا فيها جبريل، فناداني؛ فقال: إنّ اللهَ قد سمع قولَ قومك لك؛ وما رَدُّوا به عليك، وقد بعثَ لكَ ملك الجبال لتأمرَه بما شئتَ فيهم.
فناداني ملك الجبال؛ فسَلَّمَ عَلَيَّ؛ ثم قال: يا محمد، فقال ذلك، فما شئت، إنْ شئتَ أن أُطْبِقَ عليهم الأخشبين.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: بل أرجو أن يُخْرِجَ اللهُ من أصلابهم من يعبد اللهَ وحده ولا يشرك به شيئا. ... القصّة في صحيحي البخاري ومسلم. ( الأخشبان: جبلان يحيطان بمكّة المكرمة، وإطباق الملك للأخشبين بعني هلاك أهل مكّة ).
في سنن أبي داود رحمه الله تعالى، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ رضي الله عنهما، قَالَ:
أَرْدَفَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَلْفَهُ ذَاتَ يَوْمٍ، فَأَسَرَّ إِلَيَّ حَدِيثًا لَا أُحَدِّثُ بِهِ أَحَدًا مِنْ النَّاسِ.
وَكَانَ أَحَبُّ مَا اسْتَتَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِحَاجَتِهِ هَدَفًا، أَوْ حَائِشَ نَخْلٍ.
قَالَ: فَدَخَلَ حَائِطًا لِرَجُلٍ مِنْ الْأَنْصَارِ، فَإِذَا جَمَلٌ، فَلَمَّا رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَنَّ، وَذَرَفَتْ عَيْنَاهُ. فَأَتَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَمَسَحَ ذِفْرَاهُ، فَسَكَتَ. فَقَالَ: " مَنْ رَبُّ هَذَا الْجَمَلِ؟ لِمَنْ هَذَا الْجَمَلُ؟ ".
فَجَاءَ فَتًى مِنْ الْأَنْصَارِ، فَقَالَ: لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ.
فَقَالَ: " أَفَلَا تَتَّقِي اللَّهَ فِي هَذِهِ الْبَهِيمَةِ الَّتِي مَلَّكَكَ اللَّهُ إِيَّاهَا؟!. فَإِنَّهُ شَكَا إِلَيَّ: أَنَّكَ تُجِيعُهُ، وَتُدْئِبُهُ ".
وفي صحيح البخاري رحمه الله تعالى، عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا:
كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ إِلَى جِذْعٍ، فَلَمَّا اتَّخَذَ الْمِنْبَرَ تَحَوَّلَ إِلَيْهِ، فَحَنَّ الْجِذْعُ، فَأَتَاهُ فَمَسَحَ يَدَهُ عَلَيْهِ.
وفي سنن الترمذي رحمه الله تعالى: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَخْطُبُ إِلَى جِذْعٍ، فَلَمَّا اتَّخَذَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمِنْبَرَ، حَنَّ الْجِذْعُ، حَتَّى أَتَاهُ فَالْتَزَمَهُ، فَسَكَنَ.
في مسند الإمام أحمد رحمه الله تعالى، عن أَنَس بْن مَالِكٍ رضي الله عنه، قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" إِنْ قَامَتْ السَّاعَةُ وَبِيَدِ أَحَدِكُمْ فَسِيلَةٌ، فَإِنْ اسْتَطَاعَ أَنْ لَا يَقُومَ حَتَّى يَغْرِسَهَا فَلْيَفْعَلْ ".